إن وسائل التواصل الاجتماعية من أكبر إبداعات القرن الحادي والعشرين، حيث سنحت الفرصة لكل شخص على السواء أن يشارك ما بدا له من فكرة أو تجربة مع شريحة من الأصدقاء في آن واحد وبكل سهولة وحرية. وهذا ليس بإنجاز يستهان به، فقبل وجود هذه المواقع، كم كان صعبا أن يتصل المقدم مع متلقيه مباشرة عن بعد، إلا عبر التلفاز أو الهاتف. فمن خلال هذه المواقع انفتح المجال كليا على الجميع وقد تشكلت مجموعات مجازية كبيرة لنشر المعرفة والتعليم ولإقامة العدل إلى غير ذلك من الأهداف المحترمة. بيد أن بعضا من الأعضاء على هذه المواقع لا يلتفتون إلى أن هذه القوة الهائلة تستلزم المسؤولية الكبرى على عاتق كل مشارك. فإثر هذه الغفلة الشائعة ترون من الفجوات الأخلاقية ما قل له نظير. فبعضهم على هذه المواقع يستعملون الكلام البذيء أو المستهجن مع الآخرين، ما يؤدي إلى التنمر والكآبة. وبعض آخر يروّجون معلومات خاطئة ومضللة، ما يؤدي إلى الفوضى والبهتان عند الجمهور. وفريق ثالث يضيعون وقتهم النفيس باذلين جهدهم للرياء والمراء والإغواء. والسلبيات تتصاعد مرة أخرى في رواج الظواهر الشاذه مثل الإباحية والتحرش واللادينية عبر هذه المواقع.
وبما أن هذه الوسائل لا غنى عنها اليوم، فعلينا كلنا على المستوى الشخصي أن ننتبه إلى هذه الثنائة الكامنة في استعمالها و نتصرف معها بحكمة وخبرة: فنحاول بقدر الإمكان أن نحظر الأغراض السلبية مع توفير القابليات الإيجابية. وبالتالي فإذا كان كل واحد منا يقوم بدوره الفردي في تحمل هذه المسؤولية، فعسانا أن نصون هذا الفضاء الاجتماعي ونجعله أكثر نقاوة للأجيال القادمة.